خاص الفجر الجديد

في “خضمّ الأزمات”…برلمان لبنان يطفئ شمعته الأولى!

بقلم مديرة التحرير :ساره منصور

اليوم ١٥ أيار ذكرى مرور عام كامل على إجراء الانتخابات البرلمانية في لبنان، التي أريد لها أن تكون حلاً ومخرجاً لأزمة سياسية خانقة وخطرة تفجرت وتصاعدت مستوياتها بوضوح عبر التظاهرات الاحتجاجية الواسعة التي اندلعت في ١٧ تشرين الأول /أكتوبر من عام 2019، والتي أفضت إلى استقالة رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، وبالتالي انهيار حكومة حسان دياب واستقالته.

ولكن بدلاً من أن تكون انتخابات ١٥ من أيار 2022 حلاً ومخرجاً للأزمة، كانت بحدّ ذاتها أزمة معقدة وشائكة ومتداخلة في عناصرها وأدواتها ومدخلاتها ومخرجاتها، وأبلغ دليل على ذلك هو أنها أفرزت مشهداً اتسم باضطراب وارتباك سياسي ومجتمعي غير مسبوق، حتى في ذروة التداعيات الأمنية الكبيرة.

وبقي المواطن اللبناني خارج الأولويات والإهتمامات بل ازدادت الأزمات عللا كل صعيد وبات البلد في صلي الانهيار ويقف المجلس النيابي عاجزًا بل وكل الدولة عن تقديم أي حلول جذرية

قبل عام من الآن، كان الجميع يترقب بحذر يختلط فيه التفاؤل مع التشاؤم مخرجات العملية الانتخابية، وما يمكن أن تفرزه من مسارات تصحيحية جديدة للأخطاء والسلبيات السابقة. والآن، يترقّب الجميع، في ظلّ أجواء بات يغلب عليها التشاؤم والتفكير في أسوأ الاحتمالات والخيارات وليس أفضلها، الخروج من عنق الزجاجة وإنهاء حال الانسداد السياسي، في خضم حراك معركة رئاسة الجمهورية والكرسي الشاغر منذ 30تشرين الأول/ أكتوبر من العام 2022

وبين الخامس عشر من أيار ٢٠٢٢ والخامس عشر ٢٠٢٣ ، لا يزال المشهد السياسي ضبابيا وغياب المجلس النيابي التام وعدم التئامه ،وحصول لبنان على المرتبة الاولى بالتضخم الغذائي والارتفاع الهستيري للدولار في السوق السوداء والدولار الجمركي الذي يكبر ويمتدّ يوما بعد يوم ،وارتفاع فاتورة الاتصالات وغياب التغطية وغيرهم الكثير الذي لا يزال مكانه “راوح”.
يتذكر اللبنانيون اليوم خطابات الكذب الإنتخابية والوعود الرنانة التي أغدقها عليهم الزعماء والرؤساء والأحزاب، يتذكرون الحملات الإنتخابية الكاذبة بل والمهينة في بعض المناطق وهم يقرأون اليوم واقعهم من جديد، ويقرأون خياراتهم الإنتخابية، ويعتقدون أن وقعوا في الفخ من جديد، فخ الكذب والوعود، فبقي المواطن ضحية الخيارات الخاطئة والولاءات الخاطئة ولعله يعلم اليوم وبعد مرور عام بلا انجازات ولا معالجات لأي من الملفات والأزمات أن الخيارات المبنية على رغبة الحزب أو الطائفة أو الزعيم لا تبني وطنًا ولا تحل أزمة.

اليوم وبعد عام من الانتخابات البرلمانية اللبنانية وبدلاً من أن تفضي إلى حلحلة الأزمة وتقريب وجهات النظر وترميم الثقة بين الفرقاء، كانت الأمور تزداد سوءاً، والأزمة تعقيداً، والفرقاء تباعداً، والشارع يأساً وإحباطاً.

جاءت الانتخابات بنتائج جدلية مشكوك في صحتها ونزاهتها، لتدفع قوى سياسية معينة، إلى تقديم الطعون رفضاً لتلك النتائج وقد أفلحت ونجحت بعد ٦ أشهر من نتائج الانتخابات.

في الواقع، تشير مجمل مظاهر المشهد السياسي خلال عام كامل إلى حقائق كبيرة وخطيرة لا يمكن في أيّ حال من الأحوال تجاهلها أو القفز عليها، هي غياب الثقة بين الشركاء أو الفرقاء السياسيين والشعب ، حتى هؤلاء الذين أتوا على أنهم تغييريين أو من ساحات الثورة .

وكذلك، إنَّ معارك كسر العظم لم تفضِ إلى تحقيق أيّ مكاسب لأيِّ طرف من الأطراف، ناهيك بكونها جعلت الأمور تدور في حلقة مفرغة لا نهاية لها. والحقيقة الأخرى تتمثل بأنَّ التوافقات الهشّة، بل إسقاطاتها السلبية، هي الخيار الممكن والمتاح على المدى المنظور، وليس هناك أفضل منها.

وارتباطاً بذلك، فإنَّ تثوير الشارع وحشده وتعبئته بات أشبه بكرة النار التي لم ولن تحصل.

بعد مرور عام على الانتخابات اللبنانية، الجميع يراوح مكانه. يعني ذلك بلا أدنى شك أنَّ الإشكاليات والعقد كثيرة وكبيرة وخطرة، ورحيل هذا الاسم ومجيء ذاك لرئاسة الحكومة أو للمناصب الأخرى ربما يبدو مخرجاً أو جزءاً من الحل من ، وقد لا يتعدى كونه انتقالاً بالأزمة من مرحلة إلى مرحلة لاحقة، أو استمراراً للدوران في الحلقة المفرغة ذاتها أو في حلقة مفرغة أخرى لا تختلف عنها إلا قليلاً. وما دامت المقدمات لم تتغيَّر، فمن الطّبيعي جداً أن تكون النتائج كذلك ،والخاسر الوحيد هو “لبنان”ً.

حمل تطبيق الفجر الجديد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى